Thursday, April 26, 2018

يوم في مدينة بونى

كنت مشغولا في مكتبي في نيودهلي، في ظهيرة اليوم الثامن من شهر ديسمبر عام 2010 وأعمل على الكمبيوتر، إذ رن هاتفي المحمول، فاستلمت المكالمة وكانت على طرف آخر امرأة عذبة الصوت، تتكلم من شركة وودافون من مدينة بونى، وما إن علمت بأن المكالمة تتعلق بالوظيفة خرجت من مكان العمل لكى أتكلم بطمأنينة. إنها قامت بتعريف شركتها أولا ثم أخبرتني عن وظيفة شاغرة و سئلتني عن رغتي في وظيفة أخرى و استعدادي للترحيل إلى مدينة بونى لو يتم اختياري للوظيفة. أجبت لها كل ما سألت ثم قالت “سأقوم بتحديد موعد المقابلة لك.” فسألت: في أي مكان؟ فقالت “في نيو دهلي، و سأرسل جميع التفاصيل إلى بريدك الإلكتروني،” و بعد كلمات الوداع انقطعت المكالمة، ثم اتصلت بي مرة أخرى بعد قليل وقالت “لا يمكن إجراء المقابلة في دهلي و عليك أن تجئ إلى بونى للمقابلة الشخصية” ثم طلبت مني أن اقوم بتحجيز مقعد لي في صباح اليوم التالي 9 ديسمبر، و أن اخبرها على الهاتف بعد الحجز، ولا أفكر في النقفة لأن الشركة سيقوم بتعويض ذلك. فقمت بتصفح الانترنت للبحث عن مقعد خال، ولكن التذاكر كانت غالية جدا فلم أجترأ ان اقوم بالحجز، وبعد نصف ساعة اتصلت بي وقالت لي إنها ستقوم بحجز التذاكر لي بنفسها ثم قطعت المكالمة. في الساعة السابعة اتصلت بي وأخبرتني بأنها قد قامت لي بحجز التذكرة و أرسلتها على بريدي الإلكتروني، كنت فرحا و مسرورا، فكانت هناك تذكرتين للذهاب في الصباح الباكر والإياب في المساء في نفس اليوم.

وهكذا حوار وظيفي في شركة فودافون وفر لي فرصة ذهبية لزيارة مدينة بونى إذ وفرت لي الشركة تذكرتى الذهاب والإياب بالطيران. والجدير بالذكر أن هذه المدينة كانت عاصة لحكماء الدولة المرهتية التي تشكلت عند انهيار الامبراطورية المغولية قضى عليها الملك الأفغاني أحمد شاه الأبدالي. وهي ثاني أكبر مدينة في ولاية مهاراشترا، و سابع أكبر مدينة في الهند، وهي تعتبر واحدة من مراكز خدمات تكنولوجيا المعلومات الرائدة في الهند، وهي موطن لأكبر حديقة لتكنولوجيا المعلومات في الهند المعروفة بـ”حديقة راجيف غاندي لتكنولوجيا المعلومات”، وكذلك حديقات أخرى للتكنولوجيا.

كان ذلك في اليوم التاسع من شهر ديسمبر عام 2010، خرجت في الصباح الباكر من البيت ووصلت المطار في الوقت المحدد إذ كانت تذكرة الذهاب في أول رحلة صباحية لشركة كنغ فيشر ايرلائن التي كانت أغلى شركة للطيران في الهند وعُرفت لاهتمامها الزائد بسبل راحة المسافرين، وبجمال المضيفات الجوية. كانت الرحلة مريحة وممتعة ووصلنا الوجهة النهائية في حوالى ساعة ونزلت من على متن الطائرة بسلام. كان على باب مطار بونى حشد كبير لأصحاب أوتو والتاكسي، وبدا من وجوههم ولغاتهم كأنهم مزيج من شمال الهند وجنوبها، فشعرت كأنني أطل من نافذة على جنوب الهند التي تختلف من شمال الهند في الثقافة واللغات، وملامح الوجوه، ولون الجلد. تحادثت أحد السائقين وغادرت إلى المنطقة الاقتصادية الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والمقاولات المعروفة بـ”حديقة خرادي للمعرفة” (Kharadi Knowledge Park)، حيث تم الحوار مع المدير لحوالى نصف ساعة، ووقف الأمر على أن التحق بالشركة في أسرع وقت ممكن، ولكنني كنت قد قررت في نفسي أن لا ألتحق بهذه الشركة إذ كنت نلت القبول في الدكتوراه في الجامعة الملية الإسلامية بنيو دهلي ووددت أن أواصل الدراسة العليا. بعد ما خرجت من المبنى، اتصلت بصديقي الحميم أياز أحمد الذي كان يسكن في هذه المدينة في ذلك الحين بسبب وظيفته في شركة هناك، وعندما تأكدت من أنه لا يمكن لقاءه اليوم بسبب بعض أشغاله المهمة، اكتريت أوتو لطول اليوم وقلت لصاحبها أن يذهب بي إلى بعض الأمكنة السياحية الشهيرة في بونى.

زيارة قصر آغا خان (بيليس): فذهب بي إلى قصر آغا خان الذي كان على بعد حوالى ست كم. هذا قصر شامخ جميل وتحيط به حديقة مترامية الأطراف، وهذه الزيارة جاءت مثيرة إذ ساعدتني في فهم تجربة مهاتما غاندي وحياته، فقد كان هذا الرجل العظيم وُضع في هذا القصر تحت إقامة جبرية مع زوجته كاستوربا غاندي وسكرتيره ماهاديفاي ديساي عقب إطلاق حركة “أخرج من الهند” في عام 1942، فاقاموا في هذا القصر من 9 أغسطس 1942 إلى 6 مايو 1944، وخلال هذه المدة توفي ماهاديفباي وكاستوربا في هذا القصر ويقع مقبراهما في فناءه. وهكذا أصبح هذا القصر نصبا تذكاريا وطنيا لغاندي وحياته، وواحدا من أكبر المعالم لحركة استقلال الهند والتاريخ الهندي.

كذلك عرفتني هذه الزيارة إلي شخصية عظيمة أخرى، شخصية سلطان محمد آغا خان الثالث (1877-1957) الذي كان بنى هذا القصر الجميل في عام 1892، وذلك ليس ليعيش حياة مترفة فيها بل كعمل خيري لمساعدة الفقراء في المناطق المجاورة الذين كانوا ضربوا بشكل كبير من المجاعة. كان آغا خان الإمام الثامن والأربعين للفرقة الإسماعيلية النزارية ولكنه بسبب عبقريته وإخلاصه عُرف في جميع الشعوب الهندية وتم اختياره كأول ريئس للعصبة الإسلامية لعموم الهند التي تم تأسيسها في عام 1906 للدفاع عن حقوق المسلمين السياسية في الهند. إنه سافر في أنحاء الهند وتلقى اعترافات من الإمبراطور الألماني، الإمبراطور التركي، وملك فارس لخدماته العامة، وقد منحته الملكة فيكتوريا في عام 1897 تمييز قائد فارس الإمبراطورية الهندية. إنه كتب عديدا من الكتب من أهمها “India in transition” الذي يتناول سياسة الهند قبل ما قبل تقسيم الهند، وسيرته الذاتية بإسم “World Enough and Time”.

قضيت في هذا المبنى عدة ساعات خلالها زرت المتحف ومعرض الصور في داخل المبنى، وتنفست الهواء النقي في فناءه، وعندما غلب علي الجوع اتصلت بسائق أوتو وطلبت منه أن يذهب بي إلى مطعم أو مول حيث أشبع بطني الذي كان خاليا منذ الصباح.

زيارة فونكس ماركيت سيتي (Phoenix Market City): عندما نزلت من أوتو وجدت نفسي أمام مول كبير وبين حشد من الناس، وكما عرفت فيما بعد أنه أفضل وأشهر مول في مدينة بونى. وبعد ما شبعت تجولت فيه فوجدت فيه كل المحلات التجارية التي كان يمكن لي أن أتخيل بما فيها الهندية والدولية، وخيارات التسوق التي لا نهاية لها، والمطاعم المتنوعة، والحانات والبارات، وخيارات الترفيه لكل من الصغار والكبار، والأجواء الفائقة، و المراحيض النظيفة التي أقرب إلى مراحيض الفندق ذات النجوم في الجودة والطهارة، ومساحة وافرة لوقوف السيارات، هكذا لم أجد هناك ما يشكى، فكان رائعا حقا. لم أدرك كيف مضى الوقت بسرعة، وكنت أريد أن أزور الأمكنة الأخرى في هذه المدينة ولكن يكن لدى مزيدا من الوقت فاتصلت بالسائق وغادرت إلى المطار.

بعد ما تم انهاء إجراءات الوصول في المطار وجدت أن رحلة الطائرة قد تأخرت لساعة، ثم لساعة أخرى ثم لساعة ثالثة. كان هذا الجلوس في هذا المطار الصغير مملا ولكن تصادقت مع بعض المسافرين الذين كانوا ينتظرون لنفس الطائرة ثم خرجنا من المطار بعد ما تكلمنا مع حراس الباب أقنعناهم ثم شربنا الشائ في مطعم عام كان يديره رجل مسن له ذوق في الأدب الفن، وعندما اسلتمنا رسالة في هاتفنا عن وقت المغادرة للطائرة رجعنا من هناك. وهكذا هذا السفر رغم كونه ليوم واحد فقط، كان مليئا ببعض التجارب المهمة، وجاء ببعض الاكتشافات المثيرة للاهتمام.

رابط النشر: 
http://www.aqlamalhind.com/?p=999


مولانا مقبول احمد سالک صاحب سے چند ملاقاتیں اور باتیں

  مولانا مقبول احمد سالک صاحب سے چند ملاقاتیں اور باتیں تقریباً دو ہفتے قبل 12 ستمبر کو مولانا کی علالت کی خبر شوشل میڈیا کے ذریعے موصول ہوئ...